قاعة المدينة في سراييفو: جوهرة العمارة النمساوية المجرية

You are currently viewing قاعة المدينة في سراييفو: جوهرة العمارة النمساوية المجرية
فييتشنيتسا

فييتشنيتسا (Vijećnica) أو قاعة المدينة في سراييفو، هي واحدة من أشهر وأجمل المعالم التاريخية والثقافية في العاصمة البوسنية. تتميز بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الطراز المعماري النمساوي المجري والعناصر الإسلامية الشرقية. تقع هذه البناية المذهلة في قلب سراييفو، على ضفاف نهر ميليتسكا (Miljacka)، وتعتبر رمزًا لتراث المدينة المتنوع والمعقد.

تاريخ قاعة المدينة

تم بناء فييتشنيتسا بين عامي 1892 و1894 خلال الفترة التي كانت فيها البوسنة والهرسك تحت الحكم النمساوي المجري. صممها المهندس المعماري ألكسندر فيتيك (Alexander Wittek) الذي استوحى تصميمه من العمارة المغربية والإسلامية، مما منح المبنى مظهراً فريداً يمزج بين الشرق والغرب.

افتتحت قاعة المدينة في الأصل لتكون مقرًا للسلطات الإدارية خلال فترة الحكم النمساوي المجري، ثم تحولت لاحقًا إلى المكتبة الوطنية للبوسنة والهرسك بعد الحرب العالمية الثانية. كانت قاعة المدينة رمزاً للتعددية الثقافية والاندماج في سراييفو، التي كانت ولا تزال تمثل نقطة التقاء بين الثقافات الأوروبية والإسلامية.

قاعة المدينة خلال حرب البوسنة

أثناء الحرب البوسنية (1992-1995)، تعرضت قاعة المدينة للقصف والتدمير بشكل كبير في عام 1992. دُمّرت المكتبة الوطنية بالكامل تقريباً، وتم حرق آلاف الكتب والمخطوطات القيمة التي كانت تمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي للبوسنة. كان هذا الهجوم على فييتشنيتسا واحدًا من أكثر الفصول مأساوية في تاريخ البوسنة الحديث.

إعادة الإعمار والافتتاح الجديد

بعد سنوات من الدمار، بدأت عملية إعادة بناء قاعة المدينة في أوائل القرن الحادي والعشرين، بتمويل من الحكومة البوسنية والعديد من الجهات المانحة الدولية. تم الانتهاء من إعادة الإعمار في عام 2014، وفي نفس العام أعيد افتتاح المبنى للجمهور.

تم ترميم المبنى بدقة ليتطابق مع تصميمه الأصلي، بما في ذلك الزخارف الإسلامية والأعمدة المزخرفة والأقواس المتناظرة. اليوم، تعتبر قاعة المدينة واحدة من أبرز المعالم السياحية في سراييفو، حيث تستضيف العديد من الفعاليات الثقافية والمعارض والاحتفالات الرسمية.

التصميم المعماري

يتميز التصميم الخارجي لفييتشنيتسا بأسلوب معماري فريد يمزج بين الطراز القوطي الجديد والزخارف الشرقية. تتميز الواجهة الرئيسية بالألوان الزاهية والنقوش الهندسية التي تعكس التأثير الإسلامي. المدخل الرئيسي محاط بأعمدة رخامية مزخرفة وقوس كبير يزيد من فخامة البناية.

أما من الداخل، فتحتوي قاعة المدينة على درج كبير يؤدي إلى القاعة الرئيسية، والتي تتميز بسقف مزخرف بالزخارف الإسلامية وأضواء فاخرة. القاعة الرئيسية اليوم تُستخدم للعديد من الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية، وهي رمز لإعادة إحياء التراث الثقافي لسراييفو.

قاعة المدينة اليوم

اليوم، قاعة المدينة في سراييفو ليست مجرد رمز معماري، بل هي شاهد على صمود المدينة وقدرتها على التجديد بعد الفترات العصيبة. المبنى مفتوح للجمهور والزوار، ويستضيف العديد من الفعاليات الثقافية والمؤتمرات، مما يجعله مركزًا حيويًا للحياة الثقافية في سراييفو.

يعتبر المبنى أيضاً أحد أبرز المعالم السياحية في المدينة، حيث يجذب آلاف السياح سنوياً الذين يأتون لاكتشاف جمال هذا الصرح المعماري الفريد واستكشاف تاريخه الغني.

الخلاصة

قاعة المدينة في سراييفو، أو فييتشنيتسا، هي رمز للأمل والتراث المتعدد الثقافات للمدينة. بعد أن كانت شاهدة على الحرب والتدمير، أعيدت إلى الحياة من جديد، لتستمر في كونها أحد أهم المعالم الثقافية والتاريخية في البوسنة والهرسك.

Leave a Reply